الخميس، 7 أبريل 2016

هل كنت تتوقع زراعة الخضروات بالمياه الناتجة عن الوضوء.. إليك هذه التجربة المصرية


قبل 12 عاماً بدأ المعمل المركزي للمناخ الزراعي، التابع لمركز البحوث الزراعية بمصر، الترويج لفكرة زراعة أسطح المنازل بالخضروات والفواكه، غير أنها لم تحظ بالانتشار الكافي، لعدة أسباب، أبرزها ضعف الدعاية للفكرة.
وبينما كادت الفكرة يكتب لها شهادة وفاة، حتى قاد النجاح الذي حققه مشروع معالجة المياه الرمادية، الذي نفذه د.وائل أبو العز أستاذ الهندسة الكيميائية بكلية الهندسة جامعة القاهرة، بالتعاون مع مؤسسة "مصر الخير"، لإحيائها مره أخرى، بالسعي لتطبيقها فوق سطح مسجد السيدة نفيسة، باستخدام أحد مصادر تلك المياه، وهي المياه الناتجة عن الوضوء.
ويبلغ حجم استهلاك المياه في مصر 58 مليار متر مكعب، منها 40 ملياراً تذهب للزراعة، و10 مليارات تسمى بـ "المياه الرمادية" توجّه لاستخدامات المنازل والمساجد والمدارس، ويتبقى 8 مليارات تستخدم في الصناعة.
ويقول د.وائل أبو العز لـ "هافينغتون بوست عربي": "من بين الـ10مليارات، يوجد 3 مليارات تختلط بالصرف الصحي، و7 مليارات لا تختلط به، وهي التي يمكن استرجاعها بسهولة وتوجيهها للزراعة".
وأنتج مركز تطوير المشروعات وتكنولوجيا الأبحاث العلمية "خاص" الذي يرأسه د.أبو العز، وحدات لمعالجة المياه التي لا تختلط بالصرف الصحي، وتمر المياه خلالها بإحدى عشرة مرحلة للمعالجة تبدأ بخطوات للترشيح الدقيق ثم الفائق، وتنتهي بمنظومة للتعقيم، وخلال هذه الخطوات لا تُستخدم أيُّ مواد كيماوية.

ميلاد الفكرة


sthalmsjd
بدأت فكرة استخدام هذه الوحدات لمعالجة الـ7 مليارات متر مكعب التي لا تختلط بالصرف الصحي ، قبل ثلاث سنوات، من خلال مشروع بحثي تم تنفيذه بين مؤسسة "مصر الخير" ومركز تطوير المشروعات وتكنولوجيا الأبحاث العلمية "خاص" الذي يرأسه د.أبو العز.
ويعود د.أبو العز لبدايات المشروع، قبل وصوله إلى مسجد السيدة نفيسه، قائلا: "بدأنا بمسجد صلاح الدين بمحافظة المنيا، حيث نجحنا في استغلال مياه الوضوء بعد معالجتها في ري حديقة المسجد، وأظهرت الفكرة نجاحاً، شجّع على الانتقال لتجربتها على نطاق أوسع".
كان النطاق الأوسع للتطبيق، من خلال بروتوكول تعاون ثلاثي بين مركز تطوير المشروعات وتكنولوجيا الأبحاث العلمية، ومؤسسة "مصر الخير"، الإدارة المركزية للمدن المستدامة بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بوزارة الإسكان، ومن خلاله تم تنفيذ وحدات المعالجة في مبنى جهاز مدينة 15 مايو ومدرستين بمحافظة الشرقية ومدينة السادات بمحافظة المنوفية.
وعاد المشروع إلى المساجد مرة أخرى بعد توقيع بروتوكول تعاون بين أكاديمية البحث العلمي ومؤسسة مصر الخير، لزراعة سطح مسجد السيدة نفيسة بالخضروات والفواكه.
ويربط المؤسستين تعاونٌ علمي في عدد من المشروعات، وجاء التفكير في هذا البروتكول، كما يوضح د.أبو العز، بعد حصول د.أحمد توفيق، الباحث بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي، على تمويل من أكاديمية البحث العلمي، لتنفيذ أنظمة جديدة لزراعة أسطح المنازل، تنقلها من نماذج تكفي الزراعات التي تنتجها الاستخدام المنزلي فقط، إلى نماذج يمكن من خلالها تحقيق أرباح.

75 كيلو في المتر


وتأخذ الأنظمة الجديدة شكل مواسير، قام الباحث د.أحمد توفيق بتفريغها بشكل هندسي يسمح باستيعاب أكبر كمية من النباتات، ويسمح في الوقت ذاته، باستفادة أكبر للنبات من ضوء الشمس، فينعكس ذلك على نموه بشكل أفضل.
وبينما تنتج الأنظمة التقليدية لزراعة الأسطح 40 كيلو جراماً من المزروعات في المتر المربع الواحد،
يقول الباحث د.توفيق لـ "هافينغتون بوست عربي"، إن الأنظمة الجديدة تنتج 75 كيلوجراماً في المتر الواحد.
وتأتي هذه الزيادة في الكمية، كما يوضح الباحث، لأن الأنظمة الجديدة تسمح باستيعاب المتر المربع الواحد لـ "150 نباتاً" ، ويبلغ متوسط النبات الواحد 500 جرام.
ويبدأ تنفيذ هذه الأنظمة خلال أسبوع فوق سطح مسجد السيدة نفيسة بالقاهرة، وتعتمد آلية تنفيذها على وجود خزان كبير يتم تخزين مياه الوضوء فيه بعد معالجتها، ويتم سحب المياه من هذه الخزان إلى نظام الزراعة الجديدة.
ويوضح د.توفيق آلية عمل النظام، قائلاً: "يتم تثبيته فوق خزان صغير للمياه، أضيف إليه محلول مغذٍّ يحتوي العناصر الغذائية التي يحتاجها النبات، ومن خلال مضخة وضعت فيه، يتم رفع المياه إلى أعلى ليستفيد منها كل النباتات، ويتم الري كل نصف ساعة عن طريق تزويد النظام بـ ( تايمر)، بحيث يفتح ويغلق أوتاماتيكياً".

مزرعة نموذجية


ويتيح هذا النظام زراعة كافة مكونات طبق السلطة من الخضروات والطماطم والخيار، كما يمكن من خلاله زراعة الفاصوليا والبازلاء.
وعن أسباب اختيار مسجد السيدة نفيسة لتنفيذ المشروع، يقول د.توفيق: "يتردد على المسجد الآلاف يومياً، بما يجعل سطحه مزرعة نموذجية لنشر الفكرة، حيث سيتاح للمصلين الاطّلاع على الفكرة بشكلٍ عملي، بما يجعل بعضهم يسعى لتطبيقها عملياً في منازلهم".
وبالإضافة للاستفادة من سطح المسجد، كمزرعة نموذجية لنشر فكرتَي زراعة الأسطح، والاستفادة من المياه الرمادية، فإن د.توفيق يشير إلى بعد آخر، وهو الاستفادة من ربح بيع الخضروات التي تزرع فوق السطح، في المشروعات التنموية التي تنفّذها مؤسسة مصر الخير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق